قال: «وَأَثَرُ الاستِجمَارِ» أي: يعفى عنه بعد حصول الإنقاء، وذلك -سيأتي إن شاء الله- أن الاستجمار يكفي ولو مع وجود الماء بالإجماع، يكفي الاستجمار بالحجارة أو المناديل ونحوها ولو مع وجود الماء، إنسان دخل دورة المياه وعنده الماء واكتفى لتنظيف محل الخارج من القبل أو الدبر بمناديل والماء عنده موجود؟ يجوز بالإجماع، لكن يشترك حصول الإنقاء.
لكن قد يقول قائل: أنه حتى بعد الإنقاء بالمناديل ونحوها لا بد أن يبقى أثر يسير جدًا للنجاسة، بدليل أنك لو استخدمت الماء لوجدت هذا الأثر، هذا الأثر اليسير معفو عنه، هذا معنى كلام المؤلف، قال: «وَأَثَرُ الاستِجمَارِ».
ولذلك أيهما أفضل الاستنجاء أم الاستجمار؟ الاستنجاء؛ لأنه أكمل في الإنقاء، وسيأتينا -إن شاء الله- أن الأكمل هو الاستجمار ثم الاستنجاء، تعمل الأمرين جميعًا، تستخدم المناديل مثلًا ثم بعد ذلك تستخدم الماء، لأنك لا تباشر النجاسة بيدك، وأيضًا يحدث كمال الإنقاء، لكن إذا أردت أن تكتفي بأحدهما فالاستنجاء أكمل؛ لأنه أبلغ في الإنقاء، لكن نحن قلنا: إن الاستجمار يكفي بالإجماع ولو مع وجود الماء، فيشكل علينا مسألة أنه حتى مع الإنقاء يبقى أثر يسير للنجاسة، نقول هذا الأثر معفو عنه، وهذا من يسر الشريعة، لكن بشرط حصول الإنقاء.