قوله: «لا بعد الزوال لصائم» لا بعد الزوال لصائم، أفاد المؤلف بأن السواك مسنون في كل وقت، ولكنه يستثنى من ذلك بعد الزوال لصائم فإنه لا يسن، وبيّن المؤلف ما الحكم إن كان لا يسن؟ وبين على أنه مكروه، يكره الاستياك للصائم بعد الزوال، واستدلوا بحديث علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لو صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي) ]سنن الدارقطني: 2372[، وهذا الحديث أخرجه الدارقطني وهو حديث ضعيف من جهة الإسناد لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، واستدلوا كذلك بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك) ]البخاري: 1894[ والحديث في الصحيحين، قالوا: "والخلوف هو الرائحة الكريهة التي تنبعث من الصائم عند خلو المعدة من الطعام" وهذا إنما يكون بعد الزوال في الغالب وإذا كان محبوبًا عند الله فتكره إزالته.
والقول الثاني في هذه المسألة: أنه لا يكره السواك للصائم بعد الزوال بل يستحب، وأن السواك مسنون للصائم ولغيره قبل الزوال وبعده. والقول هذا يلحقونه بمذهب الحنابلة، وأيضًا هو قول الشافعية، القول الثاني: قولنا أنه لا يكره للصائم بل يسن مطلقًا للصائم وغيره قبل الزوال وبعده، أي: الجواز من غير كراهة، وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية وهو رواية عند الحنابلة، واستدلوا بعموم الأدلة المرغبة في السواك، وهو يشمل كل وقت للصائم ولغيره قبل الزوال وبعده ولم يروا صحة الاستدلال الذي استدل به أصحاب القول الأول.
والقول الراجح -والله أعلم-، هو القول الثاني: وهو أن الاستياك للصائم لا يكره بعد الزوال إنما هو مسنون قبل الزوال وبعده، وذلك لقوة أدلة هذا القول، ولضعف استدلال أصحاب القول الأول، أما استدلالهم بحديث علي فكما سبق ضعيف لا يصح (استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي) ]سنن الدارقطني: 2372[، وأما استدلالهم بحديث (خلوف فم الصائم) ]البخاري: 1894[، فهو وإن كان صحيحًا فإن الدلالة غير صحيحة؛ وذلك لأن الخلوف إنما هو الرائحة الكريهة إنما تنبعث من المعدة وليس من الفم والسواك لا أثر له في إزالة هذه الرائحة وذلك لكون مصدر الرائحة المعدة وليس الفم، ثم إن هذه الرائحة قد تحصل قبل الزوال فلا وجه لربطها ببعد الزوال، وعلى هذا فالقول الراجح: أنه لا يكره الاستياك للصائم مطلقًا لا قبل الزوال ولا بعده.