الخثلان
الخثلان
شروط التيمم
5 ذو القعدة 1437 عدد الزيارات 1798

قال المصنف -رحمه الله-: «شرطه» ذكر المصنف شروطًا للتيمم، الشرط الأول: هو فقد الماء يعني: عدم الماء، ينعدم الماء أو تعذر استعماله، إذن الشرط الأول عدم الماء أو تعذر استعماله، أما عدم الماء فأشار إليه المصنف بقوله «فقد الماء» وذلك بأن يعدم الماء فلا يجده سواء في الحضر أم في السفر، فيشرع له التيمم لقول الله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] وهذا ظاهر إذا عُدم الإنسان الماء جاز له التيمم أو «إعوازه إلا بثمن مجحف» لازمه في الشرط الأول أو إعوازه يعني أن الماء موجود لكنه إعوز إعوازه يعني تعذره إلا بثمن مجحف، ومعنى بثمن مجحف: يعني بزيادة فاحشة مجحفة،  فوجود الماء يباع بثمن كثير وزيادة فاحشة يجعله في حكم المعدوم، فيجوز التيمم في هذه الحالة، ولو افترضنا مثلًا أن الماء انقطع ووجدناه يباع في المحلات قالو هذه قارورة بعشرين ريال، هل نقول يجب على الناس أن يشتروا الماء للوضوء به؟ لا يجب حكمه حكم المعدوم ونقول للناس أن يتمموا في هذه الحالة نعم أما لو كان قادرًا على الشراء، اختلف العلماء هل يجب عليه أن يشتري أم لا؟ والراجح أنه لا يجب؛ لأن هذا يجحف من ماله حتى لو كان قادرًا، صحيح أنه يستحب له لكن لا يجب، يفهم من كلام المؤلف أنه لو وجد الماء بثمن غير مجحف لزمه الشراء وهذا أشار إليه قال: لو بذل هبة أو بثمن غير مجحف لزمه قبوله،

 أولًا: نبين مفهوم كلامه السابق وقال إعوازه إلا بثمن مجحف، مفهومه أنه لو وجد الماء يباع بثمن غير مجحف فيجب عليه شراءه يجب عليه أن يشتريه، يعني مثلًا انقطع الماء لكنه وجد مثلًا أن هذه القارورة تباع بريال إذًا بثمن غير مجحف، نقول: يلزمه أن يشتري هذا الماء وأن يتوضأ به وليس له أن يتيمم، وبناء على ذلك فأنه لا يشرع التيمم في الطرقات العامة في الوقت الحاضر عندنا في المملكة؛ وذلك لأن الإنسان لا بدا وأن يجد محطة وقود على الطريق ويجد فيها الماء إما مجانًا أو أنه يباع بثمن المثل غالبًا وهذا في الغالب، قد يكون في بعض الطرقات ربما أنه ما يجد محطه لكن بالغالب أنه سيجد، أقول في الغالب أنه سيجد، فالأصل أنه لا يشرع التيمم على الطرقات العامة عندنا في المملكة؛ لأنه في الغالب سيجد ماءً إما مبذولًا مجانًا أو أنه يباع بزيادة غير مجحفة، ويلاحظ تساهل بعض الناس في التيمم على الطرقات مع أن المحطات قريبة منهم، بعض الناس إذا كان ما معهم ماء أوقف سيارته وصلى، وهذا لا يجوز؛ لأن المحطة قريبة حتى لو لم يجد فيها ماء مبذولًا مجانًا، يشتري مادام أن الماء بسعر المثل أو حتى فيه زيادة يسيرة غير مجحفة يجب عليه أن يشتري يشتري ويتوضأ وهكذا أيضًا يتساهل بعض الناس عند الذهاب إلى البر فيتيممون مع أن الماء قريب هذا إذًا لا يجوز.

سؤال:

قريب  كيلو قريب كم تأخذ بالسيارة  كيلو هتأخذ يعني دقيقتين أو ثلاث يعني المكان قريبا إذا كان معه سيارة المكان قريب نعم لو كان  كيلو بدون سيارة ربما لو كان مثلًا  كيلو يكون بعيدًا لكن لو كان معه السيارة المكان قريب، لكن يلاحظ تساهل بعض الناس في التيمم مع قرب الماء، وبعضهم يعتقد أن الماء إذا كان يباع يجوز له التيمم هذا غير صحيح إذا كان يباع بسعر المثل أو حتى بزياده يسيرة غير مجحفة يجب عليه أن يشتري، ولا يجوز له أن يتيمم، إذن هذا معنى قوله بثمن مجحف طيب لو بذل هبة أيضًا نقول: يلزمه قبوله، يعني: لو قال وجد من يقول خذ هذا المال هدية أو هبة يقول يلزمه قبوله وليس له أن يعدل للتيمم؛ لأن الغالب التسامح بذلك، والقول الثاني في المسألة: أنه لا يلزمه قبول الماء المبذول هبة وإنما يجوز له أن يعدل للتيمم وهذا رواية عن الإمام أحمد وهو القول الراجح، وذلك أنه لا يلزم أن يكون الإنسان تحت منة غيره لا يلزم الإنسان أن يكون تحت منة غيره هذا الذي قد وهب لك الماء قد يمتن عليك، أما حالًا أو في المستقبل وبعض الناس عنده عزة نفس ما يريد أنّ أحدًا يمتن عليه أن يرى من يمن عليه نوع من الأذية وجرح كرامته، فلا يجب عليه إذا أن يقبل هذا الماء المبذول هبة أن قبل فلا بأس، لكن أن قال لا أنا ما أريد شيء مبذول هبة فالراجح أن له ذلك، لاحظ أن نحن فرقنا بين الشراء وبين بذل الهبة، نقول: الشراء يجب عليه أن يشتري والمبذول هبة لا يجب عليه على القول الراجح، لماذا فرقنا بين المسألتين؛ لأن الشراء لا يلحقه منة؛ لأنه يشتري بدراهمه لا يلحقه منة لو اشتريته من محل بقاله، مثلًا هل صاحب البقالة يمتن عليك أبدًا بل أن لك المنة عليه لأنك اشتريت منه فلا يلحق الإنسان المنة من الشراء، بينما بالهبة يلحقه المنّة أو قد تلحقه المنّة، طيب القرض لو وجد من يقرضه ثمن الماء هل يجب عليه القبول أم لا؟ القرض ليس فيه منه وأنه سيرد له المبلغ مرة أخرى أو فيه منة يسيرة محتملة، فالأقرب والله أعلم أنه إذا بذل له ثمن الماء يجب عليه قبوله، وهذا رواية عن الإمام أحمد، وقد اختاره عباس ابن تيميه -رحمه الله- مع أن المذهب عند الحنابلة أنه لا يلزمه قبوله، قالوا للمنة والبذل هبة هو أقرب للمنة من الإقراض لكنه يعني أجازوا هذا ومنعوا هذا أو أنه أوجبوا هذا ولم يجيبوا هذا، فالأقرب والله أعلم، إذن أنه إذا وجد ثمن الماء ووجد من يقرضه ثمن الماء الراجح أنه يلزمه قبوله؛ لأن المنة لا تلحقه غالبًا بذلك، قال «أو خوف ضرر باستعماله» لا زلنا أيضًا في الشرط الأول أو معطوف على أو إعوازه أو خوف ضرر باستعماله لمرض إن خشي الضرر باستعماله «إما لمرض أو عطش محترم خوف ضرر» يعني: لو استعمل الماء لتضرر لإجل المرض كونه مريضًا، وذلك إما بزيادة المرض أو بتأخر البرء فيجوز له العدول بالتيمم وهذا بنص الآية قول الله تعالى {وَأن كُنْتُمْ مَرْضَى أو عَلَى سَفَرٍ أو جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أو لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] قدم الله عز وجل المرض، قدمه على السفر إن كنتم مرضى، لكن أيضًا هنا يعني نبه على أنه يحصل تساهل من بعض العامة يعدلوا للتيمم مع قدرتهم على استعمال الماء، عندهم تساهل في هذا إذا كان قادرًا على استعمال الماء ليس له أن يعدل للتيمم، أما إذا كان إما ليس قادرًا يعني عاجزًا أو يشق عليه مشقة شديدة باستعمال الماء أو أنه عنده مرض ويزيد المرض باستعمال الماء أو يتأخر البرء باستعمال الماء فهنا يجوز له العدول للتيمم، وأيضًا ذكر العلماء أنه من الضرر أيضًا الذي يجوز بسبب استعمال الماء إذا كان الماء باردًا ولم يجد ما يسخن به الماء فيحوز له العدول والتيمم خاصة في الغسل إذا كان الماء باردًا جدًا ولم يجد ما يسخن به الماء فله العدول والتيمم، وهنا قصه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: (احتلمت في ليلة باردة فأشفقت على نفسي من أن أغتسل فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الفجر، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- قال -عليه الصلاة والسلام- أصليت بأصحابك وأنت جنب يا عمرو قال يا رسول الله أني تذكرت قول الله –تعالى-: {وَلَا تَقْتُلُوا أنفُسَكُمْ أن اللَّهَ كان بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فتيممت ثم صليت فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم-)  [سنن أبي داود: 334، السنن الكبرى للبيهقي: 1070] هذا يدل على أنه إذا خشي على نفسه من الضرر من شدة البرد فيجوز له العدول للتيمم لكن لهذا الشرط أن لا يجد ما يسخن به الماء، وفي وقتنا الحاضر تسخين الما متيسر غالبا لكن لو كان في البر مثلًا ولم يجد ما يسخن به الماء واحتلم مثلًا فله أن يعدل للتيمم، أيضًا من خوف الضرر وذكره المصنف قال: «وعطش محترم» أي: إذا خاف باستعمال الماء أن يحصل العطش يحصل العطش له أو لرفقته أو لحيوان، ففي هذه الحال له أن يعدل للتيمم لو كان الماء الذي معه قليلًا ويخشى أنه إذا استعمله أن يحصل العطش إما له أو لرفقته أو للحيوان الذي معه هنا يجوز العدول للتيمم؛ صونًا للروح عن التلف، وهنا قوله محترم خرج بيه غير محترم كالحربي مثلًا الحربي غير محترم؛ لأنه مطلوب قتله فيخرج إذًا يعني بهذا القيد لا بدا أن يكون غير محترما.

قال: «ودخول الوقت» وهذا هو الشرط الثاني الشرط الثاني هو دخول الوقت، أي: دخول وقت الفريضة، وهذا الشرط متفرع عن مسألة وقع فيها الخلاف بين العلماء وهي هل التيمم مبيح أم رافع للحدث؟ هل هو مبيح أم رافع إذا كان مبيحًا فيقتصر فيه على الضرورة وأن يكون في وقت الصلاة فقط، وإذا كان رافعها للحدث فهو كالماء تمامًا، لا يشترط له الوقت، والمسألة محل خلاف على قولين، القول الأول: أن التيمم مبيح وهذا هو قول الجمهور المالكية والشافعية والحنابلة، القول الثاني: أنه رافع للحدث وهذا رواية عن الإمام أحمد وهو القول الراجح، واختاره جمع المحققين من أهل العلم كابن عباس ابن تيميه وابن القيم -رحمهم الله تعالي- ومن قاله إنه مبيح وقالوا أن التيمم به رخصه أن ما شرع رخصة فهو مجرد مبيح للصلاة فقط، وأما القائلون بأنه رافع فقالوا: أنه بدل عن الماء الله تعالى قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] والبدل يأخذ حكم المبدل، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (الصعيد الطيب طهور المسلم وأن لم يجد الماء عشر سنين ) حديث صحيح أخرجه [أبو داود:332، النسائي:322] وتفرع عن هذه المسألة الخلاف في اشتراط دخول الوقت للتيمم القول أنه مبيح اشترط دخول الوقت، وعلى القول أنه رافع لا يشترط حكمه حكم الماء تمامًا، المؤلف يرى أنه مبيح ولذلك عد دخول الوقت من الشروط، لكن على القول الذي رجحناه وهو أنه رافع، لا يشترط دخول الوقت، أيضًا يترتب على هذا الخلاف أنه على القول بأنه مبيح فإذا تيمم نافلة لم يصلي به فريضه، وإذا تيمم لمس المصحف لم يصلي به نافله، وأما على القول بأنه رافع يجوز أن يصلي به ما شاء من الفرائض والنوافل وإذا تيمم لمس المصحف جاز به أن يصلي به ما شاء فهو كالماء تمامًا هو كالماء تمامًا، وإذًا يتفرع عن هذه المسألة على القول أنه مبيح إذا خرج الوقت بطل التيمم، ولهذا اعتبره المؤلف شرطا، قال: دخول الوقت فيتيمم للمغرب ولم يحدث حتى دخل وقت العشاء فعليه أن يتيمم مرة أخرى، أما على الوقت الراجح فهو كالماء لا يبطل بخروج الوقت، فإذًا القول الراجح أن التيمم رافعًا للحدث وأنه كالماء تمامًا وليس مبيحًا فقط طيب، إذًا قوله دخول الوقت قلنا بناء على قوله مرجوحًا أنه مبيح، والراجح خلافه.

والشرط الثالث: قال «وطلب فاقده» أي: أن يطلب الماء فيما حوله، فلا بد من الطلب من الماء يطلبه  في المكان الذي هو مقيم فيه أو في الأماكن القريبة منه، وذلك لقول الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] ولا يقال للإنسان أنه لم يجد إلا إذا طلب، أما إذا لم يطلب لا يقال أنه لم يجد أي: لابدا من أن يطلبه ويبحث عنه، إلا إذا كان متيقنا من أن الطلب لا فائدة منه، فحين إذًا لا يلزمه الطلب كيف بطلب والطلب لا فائدة منه، أما إذا كان الطلب له فائدة إذن يلزمه الطلب؛ لأن الله قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] نعم سياتي الكلام عنه، قال: وإن خاف على نفسه أو ماله أي: إن خاف بطلب الماء على نفسه أو على ماله كأن يخشى على نفسه من الهلاك أو على ماله من السرقة هنا لا يلزمه الطلب في هذه الحال.

قال: «والتراب» هذا هو الشرط الرابع أي: أن يكون التيمم بالتراب، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، أنه لا بدا أن يكون التيمم بالتراب، واستدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (وجعلت تربتها لنا طهورًا) [صحيح مسلم:522]، والقول الثاني في المسألة: أنه لا يشترط التراب بل يجوز التيمم، القول الأول هو مذهب الحنابلة والشافعية، القول الثاني أنه لا يشترط التراب بل يجوز التيمم بل ما تصاعد على وجه الأرض، من تراب أو رمل أو صخر أو غيره، وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية، واستدلوا بقول الله -عز وجل- {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] قالوا ولا صعيد هو ما تصاعد على وجه الأرض من تراب أو غيره ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره) قال أيما رجل أدركته يعني في أي: مكان هذا يدل على أن الواجب هو التيمم بالصعيد ولا يلزم أن يكون ترابًا وهذا القول الثاني هو القول الراجح أنه أن الواجب هو أن يتمم بالصعيد ولا يلزم أن يكون التيمم بالتراب، وأن كان الأفضل أن يكون بالتراب الأفضل أن يكون بالتراب، قال ثم ذكر المؤلف شروطًا لهذا التراب، الشرط الأول: «أن يكون طاهرًا» قال: طاهر فلا يكون نجسًا لو كان نجسًا لن يصح التيمم به، والشرط الثاني: «له غبار» قالوا لأن الله تعالى قال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأيدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] ومنه للتبعيض، ولا يتحقق التبعيض إلا بتراب له غبار، والقول الثاني في المسألة: أنه لا يشترط الغبار في التراب؛ لعموم قول الله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتيمم بالرمل ونحوه كما قال ابن القيم -رحمه الله- قال: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في غزوة تبوك قطعوا ترك الرمال في طريقهم وماؤهم في غاية القلة ولم يروى عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه حمل التراب أو أمر به ولا فعله أحد من أصحابه" نعم القطع بأن في المفاوز التي قطعوها الرمل أكثر من التراب، يعني: ما بين المدينة إلى تبوك أيهما أكثر الرمال أم التراب الرمال أكثر الطريق بين المدينة وتبوك الرمال فيها أكثر، فهذا يدل على أنهم كانوا يتيممون بالرمل، وهذا هو القول الراجح، رجحه ابن تيميه وابن القيم وجمع محققين أهل العلم أنه لا يشترط في التراب الذي يتيمم به أن يكون له غبار وأما استدلاهم بالآية فلا يسلم أن من تبعيضه امسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وإنما هي خرجت مخرج الغالب، غالبًا أن الذي يمسح به يكون له غبار هذا هو الغالب أو أنه لبيان الأفضل أن هذا هو الأفضل، والنصوص يُجمع بعضها إلى بعض كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يتيمم بالرمل دليل على عدم اشتراط الغبار للتراب.

  • تاريخ ومكان الإلقاء: جامع الأمير مشعل بحي الخزامى - غرب الرياض