قال: "وإنما تصح في الكعبة وعلى ظهرها نفلاً" يريد المؤلف أن صلاة الفريضة لا تصح في جوف الكعبة ولكن تصح صلاة النافلة فيها، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، قالوا: أما صحة صلاة النافلة لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى داخل الكعبة ركعتين، وأما كون الفريضة لا تصح داخلها فاستدلوا بحديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بسبعة مواطن ومنها وفوق ظهر بيت الله الحرام وفوق ظهر بيت الله الحرام وأيضا استدلوا بقول الله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}]البقرة:144[ قالوا: والمصلي داخل الكعبة ليس مصلياً إليها. والقول الثاني في المسألة أن الصلاة داخل الكعبة تصح مطلقا فرضا كانت أم نفلا، وهذا مذهب الحنفية والشافعية ورواية عند الحنابلة وهذا هو القول الراجح في المسألة. وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى داخل الكعبة ركعتين والأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل والأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، ولا دليل يدل على التفريق بين الفرض والنفل هنا، وأما استدلال الحنابلة بحديث ابن عمر في النهي عن الصلاة عن سبعة مواطن ومنها فوق ظهر بيت الله هذا حديث ضعيف لا يصح لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على تضعيفه، وأما الاستدلال بالآية الكريمة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}]البقرة:144[ فالاستدلال غير صحيح لأن معنى شطره أي جهته وهذا يشمل استقبال جميع الكعبة أو استقبال جزء منها كما فسرت ذلك السنة بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في جوف الكعبة. وعلى هذا فالقول الراجح أنه تصح الصلاة داخل الكعبة فرضا كانت أو نفلا.