قال: "فلو قَدَّمَ اشْتُرِطَ".
يعني فلو جمَعَ جمْعَ تقديمٍ اشتُرط لجمع التقديم شروط، وذكر المؤلف ثلاثة شروط.
ومعنى عبارة المؤلف: أنه يُشترط لجمع التقديم ثلاثة شروط.
الشرط الأول: قال: "نِيَّتُهُ".
يعني نية الجمع، عند تكبيرة الإحرام أو قبل تكبيرة الإحرام للأولى، نية الجمع قبل تكبيرة الإحرام للأولى.
قالوا: لأن الجمع عبادة، والعبادة لابد لها من نيةٍ.
وبناءً على ذلك -على رأي المؤلف- لو أنه صلى المغربَ ثم بعد ذلك قال بعض جماعة المسجد: نريد أن نجمع. على رأي المؤلف ليس له الجمع؛ لأنه لم ينوِ الجمع قبل تكبيرة الإحرام.
والقول الثاني في المسألة: عدم اشتراط هذا الشرط، وأن الجمع لا يُشترط له نية، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم في جمعه، فيما نُقل عنه من الجمع في الصلوات، لم يُنقل أنه أمر أصحابه بنية الجمع، ولا دليل يدل على اشتراط هذا الشرط، وهذا هو القول الراجح في المسألة، أنه لا تُشترط نية الجمع.
وعلى هذا في مسألتنا السابقة لو أن إمام مسجد صلى بهم المغرب، ثم بعد صلاة المغرب اقترح بعض الجماعة أن يجمعَ، فيجوز له الجمع ولو كان لم ينوِ الجمع قبل صلاة المغرب، أو قبل تكبيرة الإحرام لصلاة المغرب.
الشرط الثاني: قال: "الموالاةُ".
يعني أن يوالي بين الصلاتين المجموعتين، ولا يفصل بينهما بفاصل.
"لا قَدْرَ إقامةٍ ووُضِوءٍ".
يعني إلا بفاصلٍ يسير، وهو مقدار إقامة الصلاة، أو بمقدار الوضوء، فهذا يُتسامح فيه.
والقول الثاني في المسألة: أنه لا يُشترط هذا الشرط، وأن الموالاة ليست شرطًا لصحة الجمع، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهو القول الراجح، واختيار أبي العباس ابن تيمية، وجمع من المحققين من أهل العلم.
لأنه لا دليل يدل على اشتراط هذا الشرط، وفي حجة الوداع لما سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى مزدلفة صلى بهم صلاة المغرب ثم أمر بحط الرحال، فحُطت الرحال ثم صلى بهم صلاة العشاء. فوُجد فاصل بين المغرب والعشاء.
ولأن اشتراط هذا الشرط ينافي مقصود رخصة الجمع، وهو التيسير، وعلى هذا بناء على القول الراجح، لو أنك صليتَ الظهر ثم بعد ساعة بدا لك أن تجمع معها العصر وأنتَ ممن يحق لك الجمع.
نقول: لا بأس بهذا. لكن على رأي المؤلف أنه لا يصح الجمع؛ لأنه لابد من الموالاة. أما على القول الراجح: فلا بأس بالفصل بينهما.
الشرط الثالث: قال: "وَوجودُ العذرِ عندَ افتتاحِهما".
يعني أن يكون العذر المبيح للجمع موجودًا عند تكبيرة الإحرام للصلاة الأولى والثانية، فإن انتفى العذر عند الثانية لم يصح الجمع.
كما لو كان يسير في سيارة مثلًا أو في طائرة، كانت في طائرة وأراد أن يجمعَ بين المغرب والعشاء، صلى المغرب ثم صلى العشاء بعد هبوط الطائرة، الطائرة تهبط في البلد مثلًا، لم يصح الجمع؛ لأن بوصوله إلى بلد الإقامة انقطعت بحقه جموع رخص السفر، فلابد من استمرار العذر عن تكبيرة الإحرام للصلاتين المجموعتين، ولا يُشترط دوام العذر إلى الفراغ من الثانية، وإنما المشترط وجود العذر عند تكبيرة الإحرام للأولى والثانية.
هذه هي شروط جمع التقديم، ووافقنا المؤلف في الشرط الثالث، وخالفناه في الشرط الأول والثاني.