ثانيًا: دلّ هذا الحديث على فضل بسط الوجه، وبسط الوجه داخلٌ في حسن الخُلق، ولكنه أُفرد بالذكر لأهميته، وبسط الوجه معناه: طلاقة الوجه، وبشاشته عند اللقاء، وهو من مكارم الأخلاق، ومما يجلب المودة والمحبة بين المسلمين.
قد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي ذر: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بوَجْهٍ طلق». أخرجه مسلم في صحيحه.
وينبغي أن يُعود المسلم نفسه على طلاقة الوجه عند لقاء إخوانه المسلمين، مهما كان عليه من التعب، ومهما كان عليه مما يصيبه من مصائب الدنيا، ينبغي أن يُعود نفسه على طلاقة الوجه، فيلقى الناس ببشاشة وطلاقة وابتسامة، فإن هذا مما يزيد المحبة والأُلفة والمودة بين المسلمين.
ولو أن رجلًا أعطاك مبلغًا كبيرًا، أعطاك هديةً، هدية بمبلغ كبير، لكنه أعطاك هذه الهدية بوجهٍ عابس، كيف يكون موقع هذه الهدية من نفسك؟
ورجلٌ آخر لم يعطك شيئًا لكنه لقيك بوجهٍ طلقٍ بشوشٍ مبتسم.
تجد أن محبتك للثاني أكثر من الأول، وأُنسك بالثاني أكثر من الأول، مع أن الأول أعطاك هدية بمبلغ كبير، هدية قيّمة، لكنه لما أعطاك إياها أعطاك بوجهٍ عبوس، والثاني أعطاك بوجهٍ طلق، مبتسم بشوش.
فينبغي أن يعود المسلم نفسه على طلاقة الوجه والبشاشة، والتبسُّم عند اللقاء بإخوانه المسلمين.
وبعض الناس قد يكون من طبيعته، من طبيعته أنه عابس الوجه، لكن ينبغي أن يُعدل هذا السلوك، إذا كان الغضب الذي هو من ألصق الأخلاق بالجبلة، ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي قال: أوصني، قال: «لا تغضب»، فما بالك بغيره، مثل: طلاقة الوجه؟
فينبغي أن يعود المسلم نفسه على أنه يلقى جميع الناس بطلاقة وجهٍ وبشاشة، وابتسامةٍ تظهر على محيّاه، فإن هذا داخلٌ في حسن الخلق، وفي مكارم الأخلاق.