فضيلة الشيخ، كثرت الأسئلة حول حكم جمع الصلاة لأجل المطر، وما حكم مَن فعلها دون عذر، ومَن فعلها تحت ضغط أو إلحاح جماعة المسجد ونحو ذلك؟
لابد من وجود المشقة، أما الجمع بدون مشقة فلا يصح الجمع، لابد أن يكون هناك مشقة، ونحن ذكرنا علامة للمشقة في الدروس السابقة، قلنا: من علامتها أنها تؤثر على دنيا الناس؛ لأن الغرض من الجمع هو أن الناس يلزمون بيوتهم ولن يأتوا لصلاة العشاء، فحتى يكسب الناس الجماعة يصلون العشاء مع المغرب جمعَ تقديم.
طيب، هل الناس الآن يلزمون بيوتهم؟! فلابد من وجود مشقة ظاهرة، لابد أن يكون هذا المطر غزيرًا، ومصحوبًا ببرد، أو يكون هناك مستنقعات ووحل في الطريق، أو يكون مصحوبًا بعواصف أو نحو ذلك، لكن هذا يختلف باختلاف الأحيان واختلاف المساجد، لا نستطيع أن نعطي حكمًا عامًا وفتوى عامةً في هذا، ولكن إمام المسجد يجتهد إذا غلب على ظنه وجود المشقة جاز له الجمع، فالمسألة هي مسائل اجتهادية، ومَن اجتهد وجمع فلا يُثرب عليه؛ لأنه اجتهد في ذلك.
لكن يُلاحظ أن بعض أئمة المساجد يخافون من العامة، يعني العامة هم الذين يقودونهم، يقول أحد العوام: نريد نجمع، فيخاف منه ويجمع، هذا غير صحيح، إمام المسجد هو الذي يوجه العامة، لا يجعل العامة هم الذين يوجهونهم؛ لأن بعض العامة يريد الجمع حتى لو بدون سبب، يريد التخفف، فلا يطيع العامة؛ لأنه مُؤتمن.
ولذلك إذا قيل له بالجمع، يبين الحكم الشرعي ويبين الوجه الشرعي، لكن لا يجامل في هذا، هذه ليست محلًا للمجاملة، وإذا كان غير مقتنع بالجمع فلا يجمع، وإذا شك هل أم لا؟ فالأصل عدم الجمع، ولو أنك لم تجمع لما قيل أنك أخطأت، لكن عندما تجمع فلابد من وجود المشقة التي يجوز بسببها الجمع.
وهناك سنة أيضًا غائبة، وهي أنه إذا كان المطر مستمرًا ويصعب على الناس المجيء للمسجد، فيُقال: الصلاة في الرحال، يقولها المؤذن بعدما يأتي بالأذان، يقول: الصلاة في الرحال، الناس ما يعرفون إيش معنى كلمة الرحال، يقول: الصلاة في بيوتكم، لكن لابد أن يمهد قبل هذا، يقول للجماعة في المسجد إذا أتى مطر مثلًا في أي وقت من الأوقات سأقول كذا، وهذه هي السنة، ويبين السنة في هذا، هذه أيضًا إحدى السنن، التي هي خيرٌ من أن يجمع الحقيقة؛ لأن هذه وردت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، والجمع لم يرد في عهد النبي عليه الصلاة والسلام لأجل المطر إلا في حديث ابن عباس والذي فيه كلامٌ كثير.