الخثلان
الخثلان
الحلقة الأولى

 

 

فتاوى رمضانية

س1/ يكثر الحديث الآن في بداية كل شهر رمضان في استغلال الشهر بقراءة القرآن الكريم هل يكون الاستغلال القراءة بالتدبر أو أن الإنسان يقرأ أكبر قدر ممكن من القرآن ويكثر من الختمات؟

الجواب: إن شهر رمضان موسم من مواسم التجارة مع الله – عز وجل – بالأعمال الصالحة، والإنسان في هذه الدنيا في ميدان العمل، هو كالزارع الذي يزرع الزرع ثم يحصده فيما بعد، وكذلك المسلم هو ميدان المزرعة يزرع أعمالنا في هذه الحياة الدنيا ثم بعد ذلك في الآخرة يأتي الحصاد، ويحاسب على ما عمل في هذه الحياة الدنيا، فعلى المسلم أن يغتنما ما تبقى من عمره في طاعة الله – عز وجل – وأن يتزود بزاد التقوى خاصة في المواسم الفاضلة، ومنها هذا الموسم الذي نحن فيه الذي هو شهر رمضان ترفع فيه الدرجات، وتضاعف فيه الحسنات، وتكفر فيه السيئات، وتعتق فيه الرقاب من النار، طرق الخير كثيرة ومتنوعة بخصوص ما سألتم عنه من تلاوة القرآن شهر رمضان هو شهر القرآن والله تعالى يقول: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يدارسه جبريل القرآن في كل ليلة من ليال رمضان، ويعرض المصحف مرة واحدة على جبريل، إلا في العام الذي توفي فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد عرض عليه المصحف مرتين.

أما بالنسبة لتلاوة القرآن يكسب المسلم على كل حرف يقرأه عشر حسنات كما جاء      ذلك في حديث ابن مسعود – رضي الله عنه - : «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف».

وقد روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عدد حروف القرآن وإذا ضربت في عشرة فيكون الناتج أكثر من ثلاثة ملايين، أي: أن الذي يختم المصحف موعود بأن يحصل على أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، وهذا فضل الله، وفضل الله يؤتيه من يشاء.

وأما بالنسبة للطريقة هل الأفضل أن يقرأ بقراءة متأنية، مرتلة، يتدبر معاني ما يقرأ، أو أنه يكثر من القراءة من غير إسقاط شيء من الحروف لأنه ينال بكل حرف عشر حسنات هذا محل خلاف بين أهل العلم، لكن من حيث الأصل القراءة المتأنية مع التأمل والتدبر هي الأفضل، ولأن هذا هو فعل الصحابة – رضي الله عنهم – فقد كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل.

ولكن يأتي للإنسان أحيانا أوقات لا يكون الذهن صافيا، وربما يكون متعبا أو نحو ذلك فلا يتهيأ له أن يقرأ القراءة التي يتدبر فيها، ويتأنى، وحينئذ لا يترك قراءة القرآن وإنما يقرأ ولو يقرأ قراءة سريعة، وهي قراءة الحدر من غير أن يسقط شيئا من الحروف، وابن القيم – رحمه الله – يمثل لمن يقرأ قراءة متأنية بترتيل وتأمل وتدبر بمن يتصدق بالجوهرة النفيسة، ومن يقرأ قراءة سريعة بطريقة الحدر من غير إسقاط شيء من الحروف بمن يتصدق بجواهر كثيرة، هذا له فضل، وهذا له فضل، ولكن أقول إن تيسر للإنسان أن يقرأ قراءة متأنية يتدبر فيها معاني ما يقول هذا هو الأكمل وهو الأفضل، وإن لم تتهيأ له هذه الحال لا بأس أن يقرأ بقراءة الحدر فله بكل حرف عشر حسنات، المهم أن المسلم يرتبط بتلاوة القرآن، يرتبط بكتاب الله – عز وجل – ولا يليق بالمسلم ولا بالمسلمة أن يمر عليه شهر رمضان ولم يختم فيه كتاب الله – عز وجل -.  

* * *

س2/ كثير من الناس يجعل زكاته خصوصا زكاة الأموال النقدية يجعلها في رمضان حتى يكون أفضل للأجر، زكاة الأوراق النقدية كم تكون؟

الجواب: زكاة الأوراق النقدية يكون نصابها نصاب الفضة؛ وذلك لأن الفضة أرخص من الذهب بكثير، والذي استقر عليه أكثر المعاصرين، وأيضا المجامع الفقهية، وكثير الهيئات العلمية، أن نصاب الأوراق النقدية هو أدنى النصابين من الذهب والفضة، ونصاب الفضة أرخص بكثير من الذهب، وعلى ذلك فنصاب الأوراق النقدية هو نصاب الفضة، نصاب الفضة هو خمسمائة وخمس وتسعين جرام، ومعنى ذلك إذا أردنا أن نعرف مقدار نصاب الورق النقدي نعرف مقدار سعر الجرام، ونضربه في خمسمائة وخمس وتسعين فيخرج لنا نصاب الأوراق النقدية، هذه هي المعادلة والطريقة، وهذه الآن أصبحت متيسرة ومتاحة في الانترنت، ممكن أن تدخل في أحد محركات البحث، وتضع سعر الجرام من الفضة، تجد مواقع تحدد المقدار على مدار الساعة، ثم تضربه في خمسمائة وخمس وتسعين جرام، وأنا – إن شاء الله تعالى – سوف أحسب ذلك قريبا، وأكتب الرقم على حسابي على التويتر – بإذن الله تعالى –إذا بلغت النصاب الواجب هو ربع العشر، وهناك طريقة أن يقسم أي مبلغ يريد زكاته على أربعين، إذا قسمه على أربعين يخرج له مقدار الزكاة، ويخرج له  ربع العشر.  

* * *

س3/ إذا أوتر مع الإمام ثم قام بعد سلام الإمام حتى يتمها شفعا، ثم في آخر الليل يأتي بركعات مثنى مثنى ويوتر هل هو أفضل، أو أنه يوتر مع إمامه في التراويح ثم عاد إلى البيت يصلي ما شاء من الشفع؟

الجواب: الأمر في هذه واسع لكن كونه إذا صلى الإمام صلاة الوتر قام وشفع بركعة ثم صلى آخر الليل هذا هو الأكمل لأنه يحقق قول النبي – صلى الله عليه وسلم – «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» بينما لو أوتر مع الإمام، ثم بعد ذلك في البيت قام وصلى مثنى مثنى لم يحقق ما أرشد إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – من جعل آخر الصلاة وترا، فإذا الأفضل أنه إذا سلم الإمام يقوم ويشفع بركعة، ثم بعد ذلك يصلي ما شاء مثنى مثنى، ثم يوتر بواحدة، لكن لو أنه سلك طريقة الأخرى خاصة أن بعض الناس ربما يتحرج من كونه ملفتا للنظر، وأن ربما نظرات الناس إليه ونحو ذلك، بعض الناس يتحسس من هذا، مع أن المفترض عدم التحسس، وأنت تفعل طاعة، لم تفعل أمرا محرما، لكن بعض الناس عنده تحسس من هذا، فله أن يصلي مع الإمام، يوتر مع الإمام، ثم يصلي في بيته ما شاء، لكن مثنى مثنى، وهذا جائز، ومما يدل لجوازه ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس كان هذا في آخر حياته، قال أهل العلم: لعل ذلك لبيان الجواز، أنه يجوز للمسلم أن يصلي بعد الوتر، فإذا نشط الإنسان وأراد أن يصلي في البيت بعدما صلى صلاة التراويح في المسجد فلا بأس، لكن يصلي مثنى مثنى، ركعتين ركعتين، وإذا شفع مع الإمام وصلى في البيت، وجعل آخر صلاته بالليل وترا لاشك أن هذا هو الأكمل والأحسن.

* * *