الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد:
فإن النساء شقائق الرجال والأصل أنهن مكلفات بما كلف به الرجال إلا ما ورد الدليل باستثنائه كصلاة الجماعة مثلاً، وحينئذ فالأصل أن ما يطالب به الرجال تطالب به النساء كذلك في الجملة، ومن ذلك: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو شامل للرجال والنساء كما يدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن رأى منكم منكَرًا فليُغيِّرْه بيدِه فإنْ لم يستطِعْ أنْ يُغيِّرَه بيدِه فبلسانِه فإنْ لم يستطِعْ فبقلبِه وذلك أضعفُ الإيمانِ» (صحيح ابن حبان [308]) و«من» مِنْ صيغ العموم فتعم الرجال والنساء، والملاحظ أن لدى كثير من النساء ضعف شديد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجاه أسرتها من زوج وأبناء وبنات وأخوات، وتجاه المحيط النسائي الذي تعيش فيه المرأة عموماً.
وما يرى في الوقت الحاضر من توسع من بعض النساء في لبس غير المحتشم من اللباس وفي التبرج وإبداء الزينة أمام الرجال الأجانب وفيما يحصل من منكرات في قصور الأفراح ونحو ذلك أقول أن من أسباب ذلك ضعف القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأضرب لهذا مثالاً يتضح به المقال: لو أن امرأة لبست لباساً غير محتشم في قصر من قصور الأفراح فأتت إليها خمس فقط من الأخوات الموجودات في القصر، نعم خمس من أكثر من مئة امرأة موجودة في القصر، وبذلن لها النصيحة بأسلوب لبق في أوقات متفاوتة، بحيث تأتيها الأولى وتنصحها، ثم بعد ذلك بدقائق تأتيها الأخرى وتنصحها بأسلوب أخر، وثالثة ترسل لها ورقة أو رابعة تكلمها في أذنها وتنصحها، وخامسة كذلك، أقول لا أشك أن هذا سيكون له أثر كبير على هذه المرأة وفي ظني أنها لن تلبس مثل هذا اللباس مرة أخرى، ولكن الواقع أن كثيراً من النساء اللاتي يلبسن اللباس الفاضح لم يسمعن يوماً ما لنصيحة من أحد، فعلى الأخوات الداعيات وطالبات العلم أن يقمن بواجبهن في النصيحة وفي توجيه غيرهن من النساء وهن كثير بحمد الله، للقيام بذلك، وينبغي أن يكن إيجابيات يحضرن وينكرن بالرفق واللين وهذا خير من أن يعتزلن المجتمعات النسائية لوجود منكرات فيها.
ومن أراد أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر فليوطن نفسه على الصبر والتحمل قبل ذلك {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [سورة لقمان، الآية: 17].