محمد بن علي بن أحمد بن عمر البعلي، وجَدّه أحمد، ذكره الزِرِكْلِي في (الأعلام) خلافًا لغيره لمن ترجم له، فإنهم يذكرون أن جّده عمر، الزِرِكْلِي يقول: "إنني وجدت ذلك بخط يده"، وهو بدر الدين، شيخ الحنابلة في بعلبك، وكان عليه مدار الفتوى فيها، وقد وُلد في بعلبك بلبنان سنة سبعمائة وأربع عشرة للهجرة (714هـ)، وتتلمذ على عدد من العلماء، من أبرزهم: الحافظ ابن عبد الهادي المتوفى سنة سبعمائة وأربع وأربعين من الهجرة (744هـ)، وكذلك ابن القيم، وقد أدرك ابن تيمية المتوفى سبعمائة وثمان وعشرين (728هـ)، لكن هو وُلد سنة سبعمائة وأربع عشرة للهجرة (714هـ) وابن تيمية توفي سبعمائة وثمان وعشرين (728هـ)، كان عمره كم؟ أربع عشرة سنة، ولا ندري هل لقيه أم لا، ولا نستطيع الجزم بأنه قد لقيه مع أنه متأثر به وبكتبه، اختصر بعض كتبه، ومما اختصره في هذا اختصر (الصارم المسلول على شاتم الرسول)، واختصر أيضًا (اقتضاء الصراط المستقيم) في كتاب سماه (المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم)، وأيضًا اختصر (الفتاوى المصرية).
وأيضًا اختصر (إبطال التحليل في شفاء العليل في اختصار إبطاء التحليل)، فجميع مؤلفات البعلي مختصرات، إلا هذا الكتاب الذي هو التسهيل، ولاحِظ تأثره بابن تيمية كيف أنه اختصر عددًا من كتبه، لكننا لا نستطيع أن نجزم بأنه لقيه؛ لأنه كان صغيرًا، وقد رأيت بعض الفضلاء ممن شرح هذا الكتاب في دورة علمية، قال: "إن البعلي هو البعلي صاحب الاختيارات" رأيته موجودًا في الإنترنت، ولكن ليس هو صاحب الاختيارات، صاحب الاختيارات العلمية لابن تيمية ليس هو البعلي صاحب التسهيل، وإنما صاحب الاختيارات هو: علاء علي بن محمد البعلي، المعروف بابن اللاحم، صاحب (القواعد والفوائد الأصولية)، والمتوفى سنة ثمانمائة وثلاثة (803هـ)، فإذًا صاحب الاختيارات ليس هو صاحب التسهيل، هما اثنان، البعلي صاحب الاختيارات متوفى سنة ثمانمائة وثلاثة (803هـ)، والبعلي صاحب التسهيل هذا المؤلف، فلما رأيت هذا الوَهْم من أحد المشايخ الذين شرحوا هذا الكتاب أحببت التنبيه عليه، وأن البعلي صاحب الاختيارات ليس هو البعلي صاحب التسهيل، وبعضم أيضًا يَهِم بابن مفلح، ابن مفلح صاحب (المبدع) ليس ابن مفلح صاحب (الفروع)، فينبغي التَنَبُّه لمثل هذا.
من ترجم للبعلي ذكر له مناقب، منها الرسوخ في الفقه، وذكروا أيضًا منقبة له وهي قوة الاستحضار، وهذا في الحقيقة يظهر في كتابه هذا في المتن هذا التسهيل، حيث يجعل النظير مع نظيره، والمسألة في الباب الذي يناسبها، وخالف في ترتيب بعض المسائل ما عليه فقهاء الحنابلة.
وفي ترجمته يلقب بأسبا سلار، وهذا اللقب هو من ألقاب الوظائف التي استُعملت كألقاب فخرية في عصر المماليك، أسبا: كلمة فارسية معناها مُقَدَّم، وسلار: كلمة تركية معناها العَسْكَر، كيف إذًا تكون الكلمتين: مُقَدَّم العَسْكَر، يعني: قائد الجيش، مُقَدَّم العَسْكَر أو قائد الجيش، كان يلقب بهذا اللقب ولعله كان في مقدمة جيوش المسلمين في ذلك الزمان، فكان يلقب بأسبا سلار من ترجم له يذكر هذا اللقب، وتوفي سنة سبعمائة وثمان وسبعين للهجرة (778هـ)، معرفة وفيات العلماء مهمة، بمعرفة الوفيات فرَّقنا بين البعلي صاحب الاختيارات والبعلي صاحب التسهيل، صاحب الاختيارات ثمانمائة وثلاثة (803هـ)، صاحب التسهيل سبعمائة وثمان وسبعين (778هـ).